الشفافية المالية للمقاولين- حماية المشاريع البلدية من التعثر والتلاعب

المؤلف: سعيد السريحي08.13.2025
الشفافية المالية للمقاولين- حماية المشاريع البلدية من التعثر والتلاعب

عندما ندرك أن وزارتي الشؤون البلدية والقروية، بالإضافة إلى التجارة والاستثمار، تتجهان نحو إرساء ربط إلكتروني وثيق بينهما، بهدف منح وزارة التجارة والاستثمار صلاحية فحص البيانات المالية التفصيلية لمقاولي المشروعات البلدية، يتضح لنا أن هذه المبادرة، التي لا تزال في طور "الاتجاه"، تكشف النقاب عن الأسباب الكامنة وراء مجموعة من الإشكاليات التي تعيق سلاسة تنفيذ المشاريع الحكومية. من أبرز هذه الإشكاليات نذكر التأخر المزمن في إنجاز المشاريع، أو حتى تعثرها بشكل كامل، مما يدفع الجهات الحكومية في بعض الأحيان إلى سحب المشاريع من المقاولين المتعاقدين وإعادة طرحها في مناقصات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه بعض الشركات صعوبات جمة في الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه العاملين لديها، مما يؤدي إلى توقفهم عن العمل وتعطيل عجلة الإنتاج، الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات المسؤولة لفض النزاعات وإعادة الأمور إلى نصابها.

إن علمنا بأن الربط الإلكتروني المنشود بين هاتين الجهتين الحكوميتين لا يزال مجرد "اتجاه" قيد الدراسة، ولم يتحول بعد إلى واقع ملموس، يجعلنا ندرك بأننا أمام خطوة بالغة التأخر، كان من المفترض أن يتم تفعيلها قبل عقود مضت. فمن الضروري أن تمتلك كافة الجهات الحكومية، وليس فقط الوزارتين المذكورتين، القدرة على الاطلاع على البيانات المالية لمقاولي المشروعات، وتحليلها وتقييمها بدقة، لضمان عدم إسناد أي مشروع حكومي إلا للمقاولين الذين يتمتعون بالكفاءة والملاءة المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع في الأطر الزمنية المحددة، دون أي تأخير أو تقصير في المواصفات والمعايير المتفق عليها، مع صون حقوق العمال وضمان حصولهم على مستحقاتهم كاملة غير منقوصة.

صحيح أن وزارة الشؤون البلدية قد خطت خطوة محمودة نحو تصنيف المقاولين وتقييم قدراتهم المالية، إلا أن هذا التصنيف يظل عديم الفائدة ما لم يتم تحويله إلى قاعدة بيانات شاملة ومتاحة لجميع الإدارات الحكومية المعنية. والأهم من ذلك، أن تشتمل قاعدة البيانات هذه على قائمة سوداء بأسماء شركات المقاولات التي أخلت بالتزاماتها التعاقدية، أو تلك التي تسببت في تأخير تنفيذ المشاريع عن مواعيدها المقررة. إن وجود مثل هذه القائمة يعتبر الحد الأدنى الضروري لحماية المشاريع الحكومية من التلاعب والاحتيال، وضمان تنفيذها على أكمل وجه، وفقًا للمعايير والمواصفات المطلوبة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة